مقالات
الثلاثاء 05 مارس 2024 05:19 مساءً

دولة تعروطن .. ومن افواه المجانين حكم

عبدالولي الصبيحي

دخلت البلاد في مسرح صراع لا حدود له ولا مخرج يلوح في الأفق، وبعد سنوات من الحرب الطاحنة انتقلت الى حالة اللا حرب واللا سلم بعد أن فشلت لغة القوة في حسم الأمور لصالح طرف من الأطراف، بل أثبتت السنوات الماضية أن إقصاء الآخرين بالقوة أمر مستحيل، لذلك ظلت الأوضاع معلقة بين الحرب والسلم، وبقت آمال الناس ومعاناتهم ايضاً دون حلول وفي وضع تسوده حالة عدم الإستقرار ويتعاظم الشعور بالظلم والحرمان وتتصاعد أوضاع العامة من الناس من فترة لأخرى من السيء إلى الأسوأ.

بالصدفة كنت ماشياً في إحدى طرقات محافظة تعز التي تم إعادة فتحها مؤخراً بوساطة قبلية ومبادرات إنسانية لا تسييس فيها، شد انتباهي مرور أحد الأصدقاء الشباب بعد غياب لسنوات ، وبقدر فرحي بلقاء شخص عزيز تألمت بشدة عندما أدركت أن صديقي يعاني من حالة نفسية ، وبعد أن سألته عن حالة


كان وضعه يعكس مدى تدهور حال الكثير من اليمنيين الذين دفعوا ثمن هذا الصراع الذي لا منتهى له، حاولت أثناء حديثي معه أن اسأله عن سبب عدم انضمامه لأي من أطراف الصراع أو إحدى التشكيلات الأمنية أو العسكرية المنتشرة في معظم ارجاء اليمن شمالاً وجنوبا، كان رده بابتسامة ساخرة من الأوضاع التي آل إليها وضع هذا البلد ، فقال لي بعبارة غير مفهومة اليمن يا أخي (دولة تعروطن).

تظاهرت بأني قد فهمت قوله حتى أجبر بخاطر صديقي السابق الذي لي معه ذكريات ، إلا أنه أدرك ذلك عندما رددت نفس العبارة فقال لي عبارة "تعروطن" مفهومة في كثير من المناطق اليمنية وخاصة أبناء الحديدة وأبين.

 في أعقاب اللقاء الذي انتهى بالتحسر على صديق تدهورت حالته النفسية جراء تصاعد ضغوط المعيشة الناتجة عن تراكمات هذه الحرب الرعناء ، اخذني شجن في معرفة معنى "تعروطن"، فلجأت إلى عدد من الرفاق لمعرفة معناها ، فكانت عبارة بالغة اختصر فيها صديقي واقع اليمن ومعاناته ، فأدركت بان صديقي قصد في عبارته بأن اليمن عارية لا غطاء يحميها من التأثيرات الخارجية ولا الأجندات.

توقف لأعيد التفكير في وضعنا اليمني جنوباً وشمالاً بسبب التدخلات الخارجية بادوات اقليمية ، فأيقنت بأن مقصد الرجل واضح وذو معنى استراتيجي عميق وليس عبارة عامية لا معنى ولا مغزى لها، فهذه الحرب الرعناء لم تدمر البنية التحتية والمرافق والمؤسسات  فحسب بل امتدت لتدمير القيم والعادات والتقاليد فصار المرتزق الخائن العميل هو الحارس الأمين للوطن والجمهورية وأصبح الإرهابي الظالم المجرم هو التقي الزاهد الورع واضحى الزنديق  الافاك  هو الصديق.

أجل ياصديقي لقد وصلنا لمقولتك وقد قيل سابقا في التراث خذوا الحكمة من أفواه المجانين رغم ألمي على حالك .. إننا نعيش في (دولة تعروطن)  من كل شيء ، وباتت سيادة البلد منتهكة من قبل الشقيق والصديق ، وصارت كرامة هذا الشعب العظيم العزيز تحت رحمة شلة باعوا أنفسهم ووطنهم للشيطان بثمن بخس

لقد تعروطن ياصديقي فموانئنا وبحارنا وجزرنا ومطاراتنا وثرواتنا السيادية بأيدي رعاع حاقدون يتصرفون فيها كأنها ورثة ابيهم ويبتاعون ويشترون دماء شبابنا وينهبون أموالنا ويدمرون مقدراتنا.

ولكن ثق ياصديقي بان دولة "تعروطن "ساعة ودولة الحق باقية إلى قيام الساعة ، وستعود ذات يوم وأراه قريباً اليمن دولة لها سيادتها وكرامتها وقراراتها وثرواتها ، وسيذهب هؤلاء الأوصياء واذنابهم لمزبلة التاريخ غير مأسوف عليهم.

جميع الحقوق محفوظة لـ [وطن نيوز] ©2024
تطوير واستضافة
YOU for information technology