تهميش حضرموت وتجاوزها نذير بنسف أي مشروع سياسي قادم في المنطقة
لست هنا بصدد الحديث عن التعيينات المتتالية، التي يصدرها الأخ عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، ومنها التعيينات الاخيرة في عدد من مكاتب التمثيل الخارجي للمجلس، والتي خلت مثل سابقاتها من اسماء شخصيات حضرمية، حتى من أعضاء الانتقالي نفسه أو المحسوبين عليه وأنصاره من الحضارم، كون الأمر يخص فصيل سياسي أولا، ومن ناحية أخرى لأنها مسألة غير مفاجأة بالنسبة لي ولمن يدركون ان المجلس الانتقالي الجنوبي له موقف تجاه حضرموت، وهناك شواهد كثيرة ويكفي أن نسوق مثال واحد لذلك، وهو رفضهم تسليم اللواء الراحل أحمد محمد الحامدي لمهام عمله مديرا عاما لأمن وشرطة عدن، رغم صدور قرار رئيس الجمهورية الا انهم أصروا على تعيين "ابن المنطقة".
مايهمني هو مايتم من تجاوز وتهميش لحضرموت، تمارسه الرئاسة الشرعية وحكومتها بشكل فاضح، وهو أمر خطير جدا ولا يجب السكوت عليه، ويتمثل هذا الأمر في التعيينات اليومية التي تصدرها الرئاسة اليمنية وحكومتها ووزائها، اذ تصدر يوميا تعيينات في مختلف المواقع، السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأكاديمية وغيرها، وجميع هذه التعيينات تحمل اسماء شخصيات من مناطق معينة، وتحديدا مناطق الصراع البيني في الجنوب، المتمثلة في أبين ولحج بل من قرى بعينها في المحافظتين.
ان الابقاء على هذه الحالة من تقاسم السلطة والثروة لا ينقل البلاد لمستقبل أفضل، ولا يؤسس لمشروع دولة ثابتة وآمنة، لأن مايتم هو نسف لكل قواعد التعايش الذي تبنى عليه الدول، وهي عبارة عن زراعة لألغام وقنابل مؤكدة الانفجار في المستقبل، لأنها تخل بكل الشروط والمفاهيم الصحيحة التي تعتمد على التقسيم العادل للسلطة والثروة بين شركاء الوطن، وتظل حضرموت هي الركن الأهم والأكبر في هذا الوطن، الذي لا زلنا الى الآن نتحدث عنه، بما تمثله من مساحة جغرافية وثروة، وعمق تاريخي وثقافي وحضاري، وبسقوط هذا الركن سيسقط كل المبنى، وسيلحقها انفجار كبير، ولن تنفع بعد ذلك أي محاولات للحيلولة دون أن يحترق الجميع بنيرانه.
ما يؤلم أكثر في هذه المعادلة غير السوية والظالمة، التي تعتمدها الرئاسة اليمنية وحكومتها ووزاراتها، هو صمت المكونات والأصوات الحضرمية، التي لزمت الصمت السلبي أمام التجاوزات والتهميش الممارس على حضرموت، وحرمانها من حقها في الشراكة العادلة، وعدم اكتراث الآخرين لأحقية الحضارم في قيادة الدولة والحكومة، ومختلف مؤسساتهما المدنية والعسكرية والدبلوماسية، مستغلين عجز المكونات الحضرمية وانشغالها بالخلافات البينية، وسعي قياداتها خلف المصالح الشخصية الرخيصة، دون النظر للمصالح الجمعية لحضرموت، ودون حتى السؤال عن أسباب استثناء أبناء حضرموت من جميع التعيينات الجارية، وليستعرضوا فقط كم كادرا حضرميا تم تعيينه خلال السنوات القليلة الماضية، في مؤسسات الرئاسة والبرلمان والشورى، وكم حضرميا تم تعيينه في مناصب قيادية حكومية أو دبلوماسية أو عسكرية وأمنية، ومقارنة ذلك مع من تم تعيينهم من المنتمين للقرى في أبين ولحج، وعندها سيصحون على حجم الاجرام الذي يرتكب بحق حضرموت، وان عليهم أن يدركوا ان استمراره سينعكس سلبا على مستقبل حضرموت وأجيالها.
YOU for information technology