مقالات
الثلاثاء 11 سبتمبر 2018 06:04 مساءً

15 عاما من الهيمنة الإيرانية على العراق.. خراب وفساد وأزمات بعضها فوق بعض

محمد مصطفى العمراني

موخرا خرج أبناء العراق في تظاهرات غاضبة ضد الوجود والنفوذ الإيراني والفساد الحكومي وتجاوز الأمر الهتافات ضد إيران " إيران بره بره " إلى حرق قنصليتها في البصرة ومقرات الجهات والأحزاب الموالية لها فما الذي جعل أبناء العراق يثورون على إيران التي صارت تعتبر العراق مجرد حديقة خلفية لها ؟!

منذ الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003 م وقيام الأمريكان بتسليم هذا البلد العربي لإيران على طبق من ذهب مضت  15 عاما لم ينل فيها العراق الحرية والديمقراطية الأمريكية التي وعدوا بها ولم يتحول إلى " الجنة " التي بشر بها الأمريكان بل على العكس تماما العراق اليوم تحت الإحتلال الأمريكي والنفوذ الإيراني دولة فاشلة في كل النواحي تعصف بها أزمات بعضها فوق بعض وتقف أمام استقرارها عقبات كثيرة تحتاج إلى ما يشبه المعجزة السماوية لكي تتجاوزها.  

واقع العراق اليوم يؤكد لنا ان الأمريكان لا يريدون إلا تحقيق مصالحهم وتنفيذ أجندتهم على حساب أمن واستقرار الشعوب العربية والإسلامية ومصالح أبناء هذه الشعوب وحاضرهم ومستقبلهم وبينهم وبين النظام الإيراني تعاون وتنسيق وثيق رغم أنهم يصفون إيران بالدولة المارقة الإرهابية محور الشر الخ ومع هذا فهناك تنسيق وتفاهم وصفقات تتم مع النظام الإيراني في عدة ملفات بالمنطقة ومنها الملف العراقي وان اختلفت الرؤى وتباينت وتوترت احيانا في بعض القضايا والتفاصيل لكنهم متفقون في الكثير من قضايا العراق .

واقع العراق اليوم هو النموذج الأبرز للدول التي تسعى إيران لاخضاعها لهيمنتها وهو نموذج مخيف ومفزع فالواقع العراقي الكارثي يؤكد للجميع ان إيران ما دخلت بلدا وهيمنت عليه الا ودمرته تماما حتى وإن وجدت طائفة شيعية كبيرة موالية لها .

إضافة إلى قيادات النظام العراقي المعينة في أغلبها من قبل النظام الإيراني تعتمد إيران ايضا على قيادات سياسية ومرجعيات دينية ومليشيا وشخصيات تحقق لها مصالحها وتنفذ لها أجندتها وتثبت هيمنتها وتعمق نفوذها بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة وبالمقابل لا يعنيها كثيرا واقع الشعب العراقي والوضع الذي يعيشه المواطن العراقي حيث يغيب الاستقرار وتنعدم الخدمات ويتردى الإقتصاد وترتفع البطالة بين الشباب إلى مستويات مخيفة رغم ان العراق يصدر يوميا ما يقارب 4 ملايين برميل من النفط وهي كميات ضخمة كافية لتحويل هذا البلد إلى واحة من الإستقرار والتنمية والرفاهية تتفوق على السويد والنرويج ولكن هذا البلد الغني بالثروات والموارد والفرص يعتبر من أفقر بلدان العالم وهو في كل تقارير التنمية الدولية وفي تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية من اشد بلدان العالم فسادا وفقرا ويأتي دوما في ذيل دول العالم من حيث انعدام الأمن وتردي الصحة وغياب الرفاهية والخدمات العامة وإضافة إلى انهيار التعليم والإقتصاد .
 
في العراق في ظل الهيمنة الإيرانية يعيش أزمات سياسية متلاحقة وصراع على تشكيل الحكومة ورئاستها يدوم لأشهر حيث تفشل محاولات إرضاء الأطراف العراقية من شيعة وسنة وكرد وتركمان وقبل هذا كله يدور صراع أمريكي إيراني على رئاسة الحكومة والشخصية التي تستحق وعلى أسماء الوزراء وخاصة في الوزارات السيادية وقد يستغرق الأمر شهورا وربما سنوات قبل الوصول لصيغة محددة ترضي جميع الأطراف .  

الاحتلال الأمريكي والهيمنة الإيرانية اوجدا وضعا كارثيا في العراق وصنعا أزمات وظلمات بعضها فوق بعض فالفساد وصل إلى مستويات مخيفة جدا والنهب للمال العام وصل إلى مئات المليارات من الدولارات واللامبالاة من قبل الأجهزة الرسمية وصلت إلى حد تسمم 30 الف من سكان البصرة بسبب تلوث المياه دون أن تتحرك الجهات الحكومية بشكل فاعل وجاد وتضع حدا لهذه المأساة إضافة إلى انقطاع الكهرباء المستأجرة من إيران لساعات طويلة في ظل حر شديد وبطالة وفقر ووضع بيئي مخيف حتى أن شوارع البصرة المدينة التي كان يقصدها الزوار العرب قبل عقود تحولت إلى تلال من النفايات وتدمرت بنيتها التحتية وعاش أهلها في شظف عيش رغم أنها فوق بحيرة من النفط وتزود خزينة الحكومة باكثر من ثلثي النفط في العراق ومع هذا حولتها إيران إلى معبر لتصدير السلاح والمخدرات والمليشيا في عملية تدمير ممنهج ومتعمد حتى ثار أهالي المدينة وغيرها ضد إيران ونفوذها وسياساتها التدميرية في العراق.

ورغم هذا الوقع القاتم إلا ان ما يبشر بالخير هو ان أبناء العراق كسروا حاجز الخوف من إيران وهتفوا ضدها واعلنوا رفضهم لهيمنتها واحرقوا قنصليتها وهذه هي بداية التحرر من الهيمنة الإيرانية الكارثية ومن الاحتلال الأمريكي بشتى ألوانه في توجه تحرري عروبي صادق ويبقى على الدول العربية ان تلتقط زمام المبادرة وتقف وقفة صادقة مع أبناء العراق في معركتهم للتحرر من الهيمنة الإيرانية ووكلاءها في الداخل .

وللأسف رغم هذا الوضع الكارثي في العراق في ظل الهيمنة الإيرانية ما يزال بعض العرب مغرر بهم ويسعون للارتماء في الحضن الايراني والدخول تحت الهيمنة الإيرانية ربما ليذوقوا الخراب على أصوله كما يحدث في العراق ولتحويلهم إلى مشاريع موت عاجل في سوريا واليمن ومشروع قتل وموت ببطء في العراق . !

إيران لا تصدر لنا كعرب سوى الموت والخرب والسلاح والمخدرات والفتن والفساد فمتى سيصحو البعض وينتبه ؟!!

جميع الحقوق محفوظة لـ [وطن نيوز] ©2024
تطوير واستضافة
YOU for information technology