اخبار تقارير

تصاعد التوتر بين السعودية وإيران على خلفية إطلاق صاروخ بالستي قرب الرياض

الثلاثاء 07 نوفمبر 2017 06:52 مساءً وطن نيوز

تصاعد التوتر بين السعودية وإيران عقب استهداف الحوثيين لأول مرة العاصمة السعودية الرياض بصاروخ بالستي، وتبادل البلدان الاتهامات بشأن الحرب في اليمن والاستقرار في المنطقة.

 

حذرت السعودية إيران من أنها "لن تسمح بأي تعديات" على أمنها الوطني، في وقت يتزايد التوتر بين البلدين، إثر إطلاق الحوثيين في اليمن صاروخا بالستيا في اتجاه الرياض السبت.

 

وكتب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في تغريدة على "تويتر": "تحتفظ المملكة بحق الرد في الشكل والوقت المناسبين على تصرفات النظام الإيراني العدائية. ونؤكد أن لا تسامح مع الإرهاب ورعاته". كماهددت الرياض بتحرك "بالشكل المناسب" ضد طهران.

 

هذا التهديد يصدر في خضم حملة سياسية واقتصادية وإعلامية تشنها السعودية ضد إيران لمقارعة نفوذها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، مدفوعة بضوء أخضر من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

 

وتقف القوتان الإقليميتان، السعودية وإيران، على النقيض في العديد من ملفات المنطقة. ويقول مراقبون إنهما تخوضان حروبا بالوكالة في نزاعات الشرق الأوسط، إلا أن التهديد بعمل عسكري مباشر يدفع الخصومة بينهما إلى مرحلة أكثر خطورة.

 

ومساء السبت، أعلنت السعودية أن قواتها اعترضت فوق مطار الرياض صاروخا بالستيا أطلقه المتمردون الحوثيون في اليمن باتجاه العاصمة، ما أدى إلى سقوط شظايا منه في حرم المطار.

 

ورغم أن الصاروخ لم يعطل حركة الملاحة الجوية، إلا أنه يشكل بالنسبة للسعوديين تهديدا جديا، إذ أنه عبر مسافة تقدر بنحو ألف كلم انطلاقا من أقرب نقطة حدودية بين شمال اليمن وجنوب المملكة.

 

وسارعت الرياض إلى تحميل طهران المسؤولية في إطار دعمها للحوثيين الشيعة بالسلاح والمال، وهددت بالرد ليس على المتمردين فقط، وإنما على إيران أيضا.

 

وتقود السعودية منذ آذار/ مارس 2015 تحالفا عسكريا في اليمن دعما للحكومة المعترف بها وفي مواجهة المتمردين المتحالفين مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.

 

وأفاد بيان للتحالف نشرته وكالة الأنباء الرسمية السعودية "ثبت ضلوع النظام الإيراني في إنتاج هذه الصواريخ وتهريبها إلى الميليشيات الحوثية في اليمن، بهدف الإعتداء على المملكة وشعبها ومصالحها الحيوية".

 

ورأى التحالف أن "التورط" الإيراني يعتبر "عدواناً عسكرياً سافراً ومباشراً (...) وعملا من أعمال الحرب ضد المملكة".

 

وأكدت قيادة التحالف "احتفاظ المملكة بحقها في الرد على إيران في الوقت والشكل المناسبين الذي يكفله القانون الدولي ويتماشى معه واستناداً إلى حقها الأصيل في الدفاع عن أراضيها وشعبها ومصالحها".

 

ولاحقا، كتب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في تغريدات على تويتر "التدخلات الإيرانية في المنطقة تضر بأمن دول الجوار وتؤثر على الأمن والسلم الدوليين، لن نسمح بأي تعديات على أمننا الوطني".

 

وأضاف "تحتفظ المملكة بحق الرد بالشكل والوقت المناسبين على تصرفات النظام الإيراني العدائية، ونؤكد أن لا تسامح مع الإرهاب ورعاته".

 

من جهته، كتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على حسابه في تويتر أن السعودية "تعمد إلى تفتيت اليمن عبر قصفها الذي يقتل آلاف الأبرياء بينهم رضع، وتنشر الكوليرا والمجاعة، لكنها تتهم إيران طبعا".

 

وأضاف جواد ظريف في تغريدة أخرى أن السعودية "تشن حروبا عدوانية وتمارس طغيانها في المنطقة وتمارس سلوكا استفزازيا ينطوي على أخطار ويتسبب بعدم الاستقرار. ثم تحمل إيران مسؤولية تداعيات أفعالها".

 

وكان الناطق باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي رفض في بيان اتهامات التحالف الذي تقوده السعودية واصفا إياها بأنها "مجحفة وغير مسؤولة ومخربة واستفزازية".

 

واعتبر أن إطلاق الصاروخ هو "رد مستقل ويعود سببه إلى الاعتداءات السعودية وليس إلى إجراءات أو تحريك من أي دولة أخرى".

 

ودعا الرياض إلى "الإبتعاد عن الإسقاطات والاتهامات الجوفاء والعمل على وقف الهجمات ضد الشعب اليمني الأعزل في أسرع وقت وتمهيد الطريق للحوار بين اليمنيين بهدف إحلال السلام في هذا البلد".

إغلاق المنافذ

وفي وقت ينشغل السعوديون بالبحث في القدرات التي مكنت الصاروخ اليمني من اجتياز مسافة طويلة، قررت المملكة الإغلاق المؤقت لكل المنافذ اليمنية الجوية والبحرية والبرية.

 

وتابع بيان التحالف "من أجل سد الثغرات الموجودة في إجراءات التفتيش الحالية والتي تسببت في استمرار تهريب تلك الصواريخ والعتاد العسكري إلى الميليشيات الحوثية (...)، قررت قيادة قوات التحالف الإغلاق المؤقت لكافة المنافذ اليمنية الجوية والبحرية والبرية".

 

لكنه أشار إلى مراعاة "استمرار دخول وخروج طواقم الإغاثة والمساعدات الإنسانية وفق إجراءات قيادة قوات التحالف المحدثة".

 

ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعا داميا بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية. وسقطت صنعاء بأيدي المتمردين المتحالفين مع أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح في أيلول/ سبتمبر من العام نفسه. وشهد النزاع تصعيدا مع تدخل السعودية في آذار/ مارس 2015.

 

وخلّف النزاع أكثر من 8650 قتيلا وأكثر من 58 ألف جريح منذ التدخل السعودي، بحسب أرقام الأمم المتحدة، وتسبّب بانهيار النظام الصحي، وتوقف مئات المدارس عن استقبال الطلاب، وانتشار مرض الكوليرا، وأزمة غذائية كبرى.

 

وتطالب منظمات دولية أطراف النزاع بفتح مطار صنعاء والموانئ اليمنية أمام الحركة التجارية من أجل تجنب المجاعة.

 

وفي موازاة قرار إغلاق المنافذ، أعلنت السعودية لائحة تضم أسماء أربعين مسؤولا في صفوف الحوثيين، وقررت صرف مكافآت مالية (تبلغ قيمتها الإجمالية 440 مليون دولار) لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال أحدهم.

 

وضمت اللائحة زعيم المتمردين عبد الملك بدر الدين الحوثي ورئيس المكتب السياسي صالح علي الصماد، ولم تشمل علي عبدالله صالح .

 

وبلغت قيمة المكافأة المالية لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال زعيم المتمردين 30 مليون دولار، و20 مليون دولار لمن يساهم في اعتقال الصماد. وتراوحت قيمة المكافآت الأخرى بين 20 وخمسة ملايين دولار.

 

استقالة الحريري تفجر التجاذبات السعودية الإيرانية

 

وقبيل حادثة الصاروخ اليمني فوق الرياض، شهد الصراع السعودي الإيراني جولة عراك سياسي مهمة تمثلت في إعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من الرياض، استقالته من منصبه، وتحاملاً على إيران وحزب الله.

 

ورأى محللون أن إعلان الاستقالة المفاجئ السبت من السعودية يبرز حدة الصراع المتنامي بين طهران والرياض خصوصا في وقت توشك الحرب في سوريا والعراق ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" على الانتهاء. وتسعى السعودية إلى منع إيران من استثمار نتائج الانتصار على التنظيم في هذين البلدين حيث تحظى طهران بنفوذ كبير.

 

واعتبر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، حليف إيران القوي، الأحد أن استقالة الحريري "قرار سعودي أملي عليه".

 

وكان الحريري التقى قبيل إعلان استقالته ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي ينظر إليه على أنه الحاكم الفعلي في السعودية. ويتبنى المسؤول الشاب (32 عاما) سياسة متشددة تجاه طهرانمدعوما بضوء أخضر من إدارة ترامب التي تتبنى سياسة مماثلة.

 

وفي الأشهر الأخيرة، سعت السعودية إلى مواجهة النفوذ الإيراني في العراق أيضا من بوابة الاقتصاد، فأسست مجلسا للتعاون الاقتصادي، ووجهت طائراتها المدنية بالهبوط في بغداد، وزار مسؤولون كبار فيها العاصمة العراقية، مشددين على رغبة المملكة في المساهمة في إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد تنظيم "الدولة الإسلامية".