الحوثيون يسعون لتشييع «المناهج» وتعيين «يحيى الحوثي» مقدمة لأمر أكثر خطورة
يخشى يمنيون كثُر أن يكون تعيين يحيى بدر الدين الحوثي "وزيرا" للتربية والتعليم ضمن ما سُمي "حكومة إنقاذ"، مقدمة لأمر أكثر خطورة، وهو السعي إلى تغيير المناهج الدراسية لبث التشيع. ويحذر هؤلاء من أن ذلك قد يدفع نحو فتنة مذهبية وطائفية.
جدل كبير أثاره تعيين يحيى بدر الدين الحوثي -شقيق زعيم جماعة الحوثيين المتمردة عبد الملك الحوثي- "وزيرا" للتربية والتعليم في ما سُمّي "حكومة" أعلنت سلطة الانقلاب عن تشكيلها في صنعاء الأسبوع الماضي.
كما ثارت مخاوف حقيقية في الشارع اليمني من تغيير المناهج الدراسية في حال استتب الأمر للحوثيين في صنعاء، التي يسيطرون عليها منذ سبتمبر/أيلول 2014.
واللافت أن يحيى الحوثي كان فارا خارج اليمن ويقيم منذ سنوات في ألمانيا، وكانت الحكومة اليمنية قد سلمت رسميا في 2008 الشرطة الدولية (الإنتربول) ملفا تتهمه فيه بالإرهاب، وتطالب بتسليمه لها.
والأكثر غرابة أن يحيى الحوثي -مثل شقيقه الأصغر عبد الملك الحوثي- لا يحمل أي مؤهل علمي سوى إجازة منحها له والده في العلوم الدينية، وتحديدا لدراسته على يديه المذهب الزيدي والمذهب الاثني عشري الذي اعتقدوه منذ ارتباطهم بالولي الفقيه في إيران.
ويتحدث يمنيون عن أن يحيى الحوثي متعصب مذهبيا كعائلته، ويعتبر كل المنهج التربوي والتعليمي في اليمن "وهابيا تكفيريا" ويجب تغييره، وهو ما حذر الكثيرون من أنه قد يدفع نحو فتنة مذهبية وطائفية ومزيد من الفوضى.
الترويج للتشيع
ويبدي محللون يمنيون مخاوفهم من استهداف الحوثيين مناهج التعليم التي رسّخت على مدى عقود قيم المواطنة والمساواة والهوية الحضارية، وأذابت الفوارق الطبقية والعنصرية والطائفية في البلاد.
وأكدوا أن المناهج التربوية والتعليمية في اليمن منذ ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962 -عقب الإطاحة بنظام الحكم الإمامي- ساهمت بفاعلية في تقويض مشاريع الفتنة المذهبية والطائفية.
ويعتقد الصحفي والحقوقي صالح الصريمي -وهو تربوي سابق- أن تعيين يحيى الحوثي في "وزارة" التربية والتعليم الهدف منه تغيير المناهج وتلغيمها بأفكار التشيع، وتغذية الطائفية والمذهبية بعد أن أصبحت شبه منعدمة نتيجة الجهود التي بذلتها وزارة التربية والتعليم خلال العقود الماضية.
وقال الصريمي للجزيرة نت إن الحوثيين يدرسون مَلاَزِم (كراسات) مؤسس جماعتهم حسين الحوثي في مدارس صعدة، وأضاف أن هناك معلمين حوثيين يقومون بالترويج لأفكار التشيع والحركة الحوثية في المدارس، سواء أثناء الحصص الدراسية أو خلال المناسبات الدينية، مستغلين بسط نفوذهم على عدد من محافظات الجمهورية وعلى رأسها العاصمة صنعاء.
مشروع طائفي
بدوره يرى الباحث في شؤون الحركة الحوثية عادل الأحمدي -مؤلف كتاب "الزهر والحجر" الذي يتحدث عن التمرد الحوثي في صعدة ونشأة التشيع في اليمن- أن تعيين قيادي طائفي في "وزارة" التربية والتعليم طامة بكل ما تعنيه الكلمة.
وقال للجزيرة نت إن ذلك "يدل على المشروع الطائفي العنصري للحوثيين الذين يريدون بهذا الإجراء تحويل كافة المدارس في اليمن إلى مفارخ تنجب لهم مقاتلين، كما حدث سابقا منذ سيطرتهم في مارس/آذار 2011 على صعدة".
وأضاف الأحمدي أن الحوثيين بعد سيطرتهم على صعدة استبدلوا مناهج وزارة التربية والتعليم بكراسات حسين الحوثي التي تتحدث عن التشيع ونشره، واستبدلوا النشيد الوطني للدولة بشعار الصرخة الذي يتضمن "الموت لأميركا وإسرائيل"، وصارت المدارس الواقعة تحت سيطرتهم معسكرات لإعداد الأطفال المقاتلين سعيا لإنتاج مليشيا "حشد شعبي" على المدى المتوسط و"حرس ثوري" على المدى البعيد.
واعتبر أن فرض الحوثيين تعليما طائفيا يؤيد ما يسمى "حصر الولاية في البطنين"، ويرسخ العنصرية في المجتمع، وهو مشروع فتنة لن يكتب له النجاح. وقال إنه في حال استمر الوضع على ما هو عليه فقد يعزف كثيرون عن تدريس أبنائهم، مفضلين الجهل على التعليم الطائفي.