مقالات
الاثنين 08 ديسمبر 2025 06:24 مساءً

الإصلاح والحوثيون.. بين ذاكرة الوقائع ومسؤولية الخطاب

أنور الخضري

بدأت تتشكل مؤخراً نغمة سياسية وإعلامية تتجه لربط حزب الإصلاح بالحوثيين، كما ظهر في تصريحات العميد طارق صالح ومواقف رموز ونشطاء المجلس الانتقالي الجنوبي. 

ولأن مثل هذا الخطاب قد يؤثر على وعي الناس ومسار الأحداث، فمن المهم استعادة بعض الوقائع التي عاشها اليمنيون وشهدوها.

أولاً: حسين الحوثي وعبدالله الرزامي كانا مرشحين عن المؤتمر الشعبي العام، لا عن الإصلاح.

ثانياً: الرئيس السابق علي عبدالله صالح صرّح مراراً بأنه كان أول من تبنى نشاط الحوثيين في التسعينيات وقدّم لهم دعماً.

ثالثاً: صالح أوقف الحروب الست في اتصال واحد، قائلاً إنه "يرحمهم".

رابعاً: كان هو من تحالف معهم لإسقاط عمران وصنعاء، وفقاً للتسجيلات المسربة وشهادات كثير من القيادات المؤتمرية.

خامساً: ساند صالح ومعه جزء من المؤتمر الحوثيين بعد سقوط صنعاء، وأعلن شراكته معهم وفتح قنوات مع طهران.

سادساً: لم يتصدّ المؤتمر للحوثيين حين تمددوا في مؤسسات الدولة، بل استقبلهم وأفسح لهم المجال، قبل أن ينقلبوا عليه وعلى حلفائه.
سابعاً: لم يقدّم العميد طارق إلى الآن إسناداً واضحاً لمؤسسات الدولة، بل ركّز على بناء قوة خاصة به دون إنجاز عسكري حاسم، مع تركيز جهده في محيط جغرافي محدود.

أما المجلس الانتقالي الجنوبي، فقد كان جزءاً من الحراك الذي بُنيت بعض روابطه مع إيران منذ وقت مبكر، واحتفظ بعلاقات سياسية مع الحوثيين ظهرت في محطات متعددة، من 2007م إلى 2011م وصولاً إلى الحوار الوطني. كما أن هناك شهادات دبلوماسية وإعلامية تحدثت عن دعم إقليمي للحراك وللحوثي بدافع مشترك هو مواجهة الإصلاح.

أمام هذه الوقائع، يصعب تبرير اتهام الإصلاح بالتحالف مع الحوثيين، وهو الذي تلقى منهم الضربات المباشرة في عمران وصنعاء، ودُمّرت مؤسساته واستُهدفت قياداته ومساجده وجامعاته.

يمكن الاختلاف مع الإصلاح في سياساته وأدائه، ويمكن انتقاده، فهذا حق مشروع في العمل الوطني. لكن من غير الإنصاف قلب الحقائق أو تزييف الوقائع التي عاشتها كل الأطراف وشهدها الناس.

إذا وُزنت تجارب الأحزاب والقوى، فلكلٍ أخطاؤه وإسهاماته، لكن معيار الحكم يجب أن يظل قائماً على الحقيقة والمصلحة الوطنية، لا على الخصومة أو التحريض.

إن اليمن يمر بمرحلة دقيقة تحتاج إلى خطاب واعٍ ومسؤول، لا تزيده الانقسامات اشتعالاً. والعدل في الخصومة قيمة لا تُصان بها القيم السياسية فحسب، بل تُحفظ بها الأوطان.

نسأل الله أن يحفظ اليمن من الفتن، وأن يهدي القوى السياسية إلى كلمة سواء تحفظ البلد وتجمع أبناءه على المصير المشترك.

جميع الحقوق محفوظة لـ [وطن نيوز] ©2025
تطوير واستضافة
YOU for information technology